موضوع في الإنتاج الكتابي حول انتشار ظاهرة المخدرات

 الموضوع : 

تابعت و صديقك برنامجا تلفازي يطرح ظاهرة انتشار المخدرات في مجتمعنا .

فابدی صديقك تعاطفا مع مستهلكيها و راح يدافع عنهم بدعوى أنها سبيلهم إلى التخلص من 

الضغوطات النفسية و المشاكل الاجتماعية . فرفضت موقفه ، مبررا له أخطار

المخدرات على الفرد و المجتمع ، مقترحا حلولا بديلة تساعد الناس على تخطي

الضغوطات و المشاكل .

أنقل الحوار الذي دار بينكما مركزا على الحجج التي اعتمدتها لإقناع صديقك .

النص: 

... انتهت الدراسة و قيدها ، و جيء الصيف و حريته ، أنجزنا الامتحان و أنهيناه و

جاءت العطلة الطويلة المديدة ، لطالما انتظرناها ، لنريح العقل و الأجساد ، جاء الصيف بحره

و شمسه التي لا تغيب ، فلا سحب و لا مطر ، و لا هواء بارد و لا نسائم الشتاء

ففكرت صحبة صديقي في الذهاب في نزهة و الخروج للتأمل و أن نمتع البصر و النظر، فكانت

وجهتنا الحديقة العمومية، حيث الاخضرار و الشجر، و الطيور التي تبحث عن الماء و الظلال

فتضفي بزقزقتها المتناغمة راحة لنا ، نمشي تارة و نجلس طورا ، نحكي حوارا عن الكرة و

الألعاب ، نتبادل النكت فنضحك كثيرا ، و بينما نحن كذلك بين رياضة و ضحكة ، بين وقفة و

مشية ، حتى جاء شاب في العشرين من العمر ، أو أقل أو أكثر بقليل ، كان يمشي و لا يعلم أين

و إلى أين يمشي ؟ كان يتكلم و لا يعلم ماذا يتكلم ، كان يرى و لكنه لا يرى ، كان يسمع و لكنه لا يسمع ، مجنون هو ؟ 

لا فالمجنون من عرف الله و عصاه و کفر به ، إنه فاقد عقله ، إنه

مخمور و ليس للخمر شارب ، لا رائحة النبيذ تفوح منه و لا أثر للماء المخمر عليه ، إنه يمسك

بسيجارة و ينفث دخانها عاليا في السماء ، و مع كل نفثة يخرج معها كلام بذيئا ، ثم يرقص

قليلا و يغني احيانا ، اندهشنا و ذعرنا منه ، إن ذراعه مليئة بوشم كبير ، كان خريطة العالم قد

رسمت عليها ، أو خرائط أنفاق المدن لم تجد غير يديه مكانا للتخليد و الحفظ ، عرفنا السبب

فبطل العجب ، إنه يدخن سجائر مخدرة ، فقال صديقي و رفيق نزهتي : هنيئا له

نظرت إليه متعجبا : ماذا ؟ ماذا تقول ؟

هنينا له فهو في عالم آخر

عن أي عالم تتحدث !!! و هل يوجد عالم أفضل من عالمنا ، أو توجد حياة أفضل من التي نحياها

نعم، فأنت لا تعرف السعادة التي هو فيها الآن ، لا تعلم قدر الفرحة التي يشعر بها

- لا ، لا ، لا أشاطرك الرأي يا صديقي يا صديقي

- يا أخي، إن الإنسان يسعى لها لينسى ، ينسى تعب الحياة و شقاءها ، ينسى معاناة الحياة

و بؤسها ، إنها ملاذ كل من شعر بالقهر و الضعف و الذل ، إن الحياة لا تغلب إلا بهذا

عجبا أمرك !!!! أصبحت أشك اأنت هو أنت أم أنت لست صديقي الذي عرفته منذ سنوات

، أما تعلم أن الله خيرنا و فضلنا عن سائر المخلوقات بهذا العقل ، و كرمنا به فكيف نذهب

هذا التفضيل و نغيبه بحشيشة حقيرة ، فننتقل من مرتبة الإنسان لمرتبة الحيوان ، أوالحيوان المتوحش

كيف ذلك ؟

ان شاربي الخمر و مستهلكي المخدرات هم سواء ، فهم حيوانات بلا عقول ، قد يلحقون

بالمجتمع الأذى و بأنفسهم أيضا ، يفعلون ما لا يدركون، فالواحد منهم قد يقتل ، يسرق ، دون أن يشعر 

و بعد ذلك يقسم بأنه ما فعل و لا علم له بما فعل.

لا لا إن الحياة و الفشل في تجاربها تدفع بالمرء لليأس ، قد يصل للانتحار ، أنا مع استهلاك هذه المادة 

حتى ينسى الألم و الوجع و ماهي إلا دقائق و سيزول المخدر و يعود

ليمارس حياته طبيعيا .

ماذا لو ارتكب جريمة في الدقائق التي منحتها إياه ؟ ماذا لو فشل من جديد ؟؟؟

.

اعلم يا صديقي ، إننا في دار امتحان و بلاء ، دار سعي و شقاء ، دار العمل و الجد ،

نحن لم نخلق لنجد الذهب والراحة و النمارق المصفوفة و الزرابي المبثوثة ، يا صديقي

كلنا نشعر بالضيم و الضجر أحيانا بل كثيرا ، لكن الله عز و جل أوصانا بالصبر ، إن مع

العسر يسرا ، و إن مع الهم فرجا ، و لا يقنط من روح الله إلا القوم الكافرون ، فالشقاء

لن يذهب بذهاب سيجارة مخدرة أليس كذلك؟

بلى، معك حق، السيجارة ليست حلا للمشاكل و ليست دواء

أحسنت ، لا نعالج الداء بالداء.

و بينما نحن كذلك ، إذ بسيارة الشرطة أقبلت و حاصرت المكان ، قبضوا على السعيد التعيس ، قيدوا يديه إلى الخلف و حملوه إلى المكان الذي لا يرغب فيه عاقل ، بقينا هناك بعد الحادثة قليلا ثم عدنا و نحن نحمد الله على نعمة العقل راجين أن يقضى على هذه

الظاهرة التي لو انتشرت ستقضي على المجتمع و ما فيه من ترابط و اخلاق .



-

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح نص حفنة تمر

شرح قصيدة الغراب و الثعلب شرح قصيدة الغراب و الثعلب

الاسم النكرة والاسم المعرفة